--------------------------------------------------------------------------------
لا تسأليني لماذا
لا تسأليني لماذا ؟ ولا تسأليني عما أحبه فيكِ ...؟
فأنا نفسي لا أدري ...؟!
أحياناً يخيل لي أنك رقيقة كأنسام النسيم في ليلة صيف...حنونة كصدر أمي ...حالمة كخيال فنان ...مبتسمة كالورد المتفتح ... تصفحين وتغسلين ذنوبي الصغيرة عن قلبي كما يغسل المطر أوراق الشجر... وتبدين لي بيضاء يشع النور من حولك كأنك في ثياب ملاك تقودين موكب الشمس .
ولكني أحبكِ ...؟!
وأحياناً يخيل لي أنكِ قاسية كثورة بركان ... جبارة كالزلازل لا ترحمين..
تسيرين في موكب الرعد و البرق و تطئين الدنيا بقدميكِ وتحيلينها إلى أعواد يابسة ممزقة .
ولكني أحبكِ...؟!
أحياناً ألجأ إليكِ وأحتمي بك ِ ... وأحياناً أخافكِ وأهرب منكِ...
ولكني أحبكِ..؟!
أحياناً أتمنى أن أطوي المسافات وأوقف عجلة الزمن كي ألقاكِ حتى أعرفكِ أكثر ...
وأحياناً أتمنى أن لا يتم هذا اللقاء لأنني أخاف أن أبحر في عالمكِ المجهول..
ولكني أحبكِ ...؟!
أرى حبكِ في كل ما حولي ...أناديكِ عند ما أحس بالسعادة تملأ جوارحي , وترحل بي بعيداً إلى عالم من الأمن والسكينة و السلام .
.. وأناديك عندما أتعذب وتتحطم أجزائي مثل شظايا البلور المكسور ...
ولكني أحبكِ ...؟!
أناديكِ وأريدكِ بجانبي لتضميني وتحميني ... ولكن لا تقتربي كثيراً فأنا أخافكِ ...
ولكني أحبكِ ...؟!
كنت في زمن ما أعيش لكِ , ألفكِ بذراعي , وأغزل من أهدابكِ جناحين أطير بهما إلى أبعد نجمة عن كرتنا الأرضية فأنا لا أريد أن يرانا أحد ... ولكنني الأن أعيش فيكِ...أحس بكل عوارض الحب دفعة واحدة ... أحس بفرحتكِ .. بلهفتكِ ... بحيرتكِ.. أحس بالكلمات ترتسم كالقبلات فوق شفتيكِ ... والحروف لمسات أحس بها فوق جسدكِ ... والحركات همسات أسمعها تعبر أذنيكِ ...
وهاهو جسدي يستيقظ مرة أخرى وبدأ يعذبني بأحاسيس لا ذنب لي فيها ...؟!
النظرات الحزينة في عينيكِ , أشبه بالغمام الذي يسبق موسم الأمطار ... والهدوء في عينيكِ كهدوء الصحراء , ينطلق فيه أحياناً مرحاً متوهجاً ثم يختفي كالسراب ... وأبتسامتك كأنها تفرج عن كبت طويل مرير .. كأنها تحطم من حولها قضباناً من الحديد .. قضبان المجتمع والعادات والأعرف والتقاليد والدين , قضباناً نصبها حولنا أولئك الذين يفترسون بأسم الإنسانية , ويدمرون باسم الإنسانية , ويغتالون فرحنا باسم الإنسانية ... أحس بكِ أحياناً بين ذراعي وجفونكِ المرهقة قد أسترخت فوق عينيكِ , تحلم بالشمس والنور. وفضاء رحب لم تطأه قدم إنسان ... ونجمة نأت بنفسها عن كل النجوم لتفرغ عشقها الأبدي فيك ِ ... ومجرة فرشت لكِ دربها بشتى أنواع الورود ما عرفنا منها وما لم نعرف , وتهرولين ببراءة الطفولة ... بصدق المشاعر ... ببديهة التكوين ...!.
لم تعد تربط بيني وبينكِ فقط جمال الكلمات ... فالكلمات ياسيدتي تتشابه حروفها , تتداخل معانيها , تتنافر حركاتها . بل الذي يربط بيني وبينكِ هو جمال الأفكار التي نتبادلها .. ولأنكِ غريبة... ولأنني غريب ... فإن حب الغرباء هو أرق صنوف الحب , بل أسماها وأصدقها على الإطلاق ..؟؟!!
أريدكِ أن تخرجي من هذا المجتمع المتزمت الذي يخنقنا .. أريدكِ أن تفري , وتجتازي الحدود وراء حريتكِ أريدكِ أن توقظي الشوارع حتى الصباح , وأن تجعلي من روحي قنديلاً يهرول أمامكِ يبدد وحشت المكان أريدكِ أن تسكبي روحكِ في روحي ..أن تسكبي فيها الجرأة والتحدي والتدمير ..!!!.
أريدكِ أن تضعي ذراعكِ في ذراعي نسير في الشوارع ونشق الليل .. نجتاز المنعطفات ... نختزل المسافات ...نبحر في الظلمات .. ومثل فراشتان حائرتان تجمعنا القبلات..؟!.
أحسكِ أحياناً وأنتِ ترفعين رأسكِ عن كتفي وتنظرين إلي من وراء الدموع , وتضغطين على كلماتكِ وكأنكِ تتحدين بها المجتمع كله .. كأنكِ تريدي أن تفجري صمت السنين كلها في كلمة واحدة تريدين أن تصرخي فتهتز لصرختكِ العروش , وتتهاوى التيجان , وتسقط الأقنعة وينكشف الزيف , وتستعيد الوردة عبقها المصادر من جديد ...؟!. لا أريدهم أن ينظروا إلينا كما ينظر الراعي إلى بهائمه , وكل منهم يعز عليه أن تهرب منه بهيمته , وتنضم إلى قطيع الأخر .
فأنا وأنتِ أكبر منهم , وأصدق منهم , وأبقى منهم , فقط أنا وأنتِ الحقيقة , وكل ماعدا ذلك وهم ..؟!
أحس أحياناً بحفيف أنفاسكِ يحيط بي , والنسيم يدفع ثوبكِ الحريري إلى الوراء , فيبدو وكأنه تمثال لإحدى آلهة الرومان , مسه الليل فدبت فيه الحياة .
جمالكِ الهادئ الرقيق ... وفي رقته غموض مثير يدفعني إلى التساؤل , وإلى الإلحاح في التساؤل , كهبوط الشتاء بدون نجمة .
كيفما أستدرت .. وحيثما تلفت أرى وجهكِ الخالي من المساحيق , وشفتاكِ الرقيقتان ترتعشان دائماً كأنهما تخافان أن تجرحهما لمسة ... وعينياكِ الواسعتان سوادهما الداكن الجذاب يثير في الإيمان بسهولة الوصول إلى القمر ... وضفيرتاكِ الطويلتان من الشعر الأسود الناعم , ووجهكِ بينهما كوجه طفلة بريئة تتدحرج للتو وراء دميتها ...؟!
لا أدري لماذا أحسكِ نجمة تائهة تبوح بغربتها لأولئك العاشقين الذين لم تزل جراحهم تدمى , ولم يزل صدى صوتهم يملأ المكان بتلك الترنيمة الملائكية التي تعيد إلى الأذهان مرة أخرى انبعاث نبي جديد ..؟!.