--------------------------------------------------------------------------------
ربما للوهلة الأولى
ربما للوهلة الأولى … كنت أعيش حالة من التردد والحيرة , وبين الشك واليقين كنت أحزم أمتعتي لأهرب من قدري , ولكن إلى أين ..؟ .
أليس من العبث أن يهرب الإنسان من قدره , ليجد نفسه دون أن يدري في دوامة القدر الذي فر منه ..؟ .
وتمتمت في نفسي على استحياء أفرار من قدر الله إلى قدر الله …؟! .
كثيرا ما كنت امعن النظر الى صورتك في الجهاز, وكان وجهك مثل كل الوجوه التي ألفتها سرعان ما تمحوه الذاكرة بمجرد أن يسدل عليه الستار ؛ ليفسح المجال لحالة أخرى تتوه بنا في ضجيج الحياة وصخبها .
ولكنني تفاجئت كثيرا ..! واستغربت أيّما استغراب عندما أحسست أن معالم وجهك بأدق تفاصيله ما تزال عالقة في ذاكرتي , وتحاول جاهدة أن تبوح لي بكل الأسرار الدفينة التي أودعها الخالق فيها .
ألححت بإصرار على ذاكرتي علني أفيق من هذا الحلم الذي أخذ يقض علي مضجعي , وأحسست بجفوة بين جسدي وفراشي لتوقظني من الحلم الجميل وترحل بي إلى الحقيقة الأجمل ..! وتساءلت لماذا أنت بالذات ..؟ وما الذي يميزك عن الأخريات ..؟ ألست امرأة مثل كل النساء ..؟ تثرثرين كثيرا .. وتحلمين كثيرا .. تتجملين .. وتتشكلين .. وتطلقين لخصائل شعرك الذهبية العنان لتتراقص كخيوط الشمس فوق صفحة الريح , تميل معه كيفما اتفق , فتارة تدغدغ وجهي كنسمة صباح ربيعية .. وتارة أخرى تكون إعصارا …! .
ومرّت الأيام ..؟ وحسبت أنني قد أسدلت على الأمس سترا , والجمرة قد خبت جذوتها , ولم يبقى منها سوى بقايا من رماد ..؟! .
ولكن هيهات , والجمرة أبت إلا أن تتقد من جديد ؛ لتشعل أجزائي وتندفع كثورة بركان يقذف حمما ولظى وشواظ .
ورغم أنني لم أكن مستسلما ولا مهزوما يوما ما .. رغم ذلك حاولت أن أحزم أمتعتي وأنجو بنفسي , فالطريق طويلة والمسالك وعرة , وخانتني رجولتي أو كادت .. في لحظة ضعف ..! .
وأنا الذي ما تفاخرت قط بأي نوع من متاع الدنيا الفانية بقدر ما كنت أتفاخر برجولتي ..! .
لذلك قررت في لحظة الفصل أن أكون رجلا حتى النهاية , طالما أن الذي أثار رجولتي نحوك هو كونك امرأة استثنائية .. وجئت في زمن استثنائي ..! .
قد تستغربين وأنا أنعتك بمثل هذا الوصف , وقد تتساءلين كيف لرجل أن يحكم على امرأة من خلال صورة على شاشة جهاز, ولكنني أستميحك عذرا على جرأتي وقد شاهدتك عيانا , وأمعنت النظر فيك جهارا نهارا , وتأملتك كما العابد الزاهد يتأمل الكون من حوله ويبحر في هذا الفضاء الرحب ليقف على عظمة الخالق ..! .
وطفت حولك كما الحاج يطوف حول الكعبة لأغوص في عمق الأشياء , حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر ..! .
أحسست وكأنك قطعة من الإله هبطت سهوا إلى الأرض فتمثلت بشرا سويا ..!.
لتنبت خضرة وثمارا وغلالا ..! .
فدوائر فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع , صرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج , بطنك صبرت حنطة مسيجة بالسوسن , ثدياك كخشفتين توأمي غزالة , عنقك كبرج من عاج , عيناك كبرك الغمام , قامتك شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد , وأهدابك كسعفتي نخيل أسبلتا على ليل وأقمار ونجوم , وشفتاك كحبة تين تفتقت لتوها , فسالت أودية من خمر وعسل ..! . لا تلوميني إذا لم أحسن القول واعذريني يا سيدتي إذا كنت قد جاوزت قدري في مدحك , فطموحي لا يرقى إلى أكثر من أن ألتقيك صدفة داخل حدود المكان أو خارجه , وأسترق لحظة من عمر الزمن لأبوح لك ببعض مما يعتلج في صدري , وإن شئت أن تسمحي لي بدخول جنتك ..؟
فإن الغابة بكر .. والأغصان ملتفة .. والعناقيد متدلية .. والثمار ناضجة .. والقطر مذاب .. والساقي يدور علينا بكؤوس من لجين ..! . لدي الكثير من الكلام الذي أود البوح به لك , وبما أنت أهل له , على أن يكون همسا , فأنا لا أحب أن يسمعه أحد سواك , لأنه لا يليق إلا بك أنت وحدك فلكل إنسان مفرداته ولك أنت أبجديتك ..! . أرجو أن لا تعتبري كلماتي هذه طيشا , ولا نزوة , ولا هوى .. وإنما هي فقط تمردا …!!! .