رسالة إلى زوجتي
عزيزتي :
أعلم أنك تحملين في قلبك ذرة من الحب الذي كنا نحرص قبل الزواج على أن لا تنطفئ شمعته .
و أعلم أنني كنت قد وعدتك بأني سوف أبقى على حبك طيلة عمري ومازلت على وعدي . ولكن ظروفي لم تسمح لي أن أبقى بجانبك فعملي يتطلب أن أسافر وتعلمين أن حياتنا المادية ستدهور إذا تركت عملي هذا .
أتأسف كثيراً على هذا الوضع الذي نحن مضطرين لأن نعيشه فأنا مازلت أكنّ لك حب لا مثيل له ويشهد الله عليّ بذلك .
أعلم أنني أخطأت كثيراً عندما دخل الشك في قلبي تجاه صديقي الذي كان يسأل عني في سفري وكان يحضر لكم متطلبات البيت في غيابي . ولكن تأكدي لم يدخل شكي في قلبي تجاهك فأنا أثق بحبك لي ووفائك و إخلاصك لي .
ولكن هل تستطيعين أن تنـكري بأنك أعجبت به ؟
وهل تستطيعين أن تنـكري بأنك كنت تتكلمين عنه طيلة فترة عودتي من سفري فعلى الطعام أسمع اسمه وقبل النوم وبعد النوم وفي كل الأوقات اسمه لا يفارق شفتيك فما كان مني إلا أن اضطرب و أقلق على بيتي وزوجتي التي أحبها فقلت في الإجازة الأولى ربما تكلمني عنه لأنها تريد أن تخبرني بأن صديقي أخلاقيٌّ جداً رغم أنني كنت أتمنى الموت على أن سماع سيرة رجل غيري على شفتيك ومع ذلك أوجدت مبرراً لك ولم أفتعل حدثاً في ذلك الوقت .
ولكن تكررت إجازاتي وكانت مليئة باسمه وأصبح يخرج الاسم من شفتيك كأنه نغمة تتنغمين بها على مسامعي أصبحت أرى هذا الاسم كابوساً يقلق بالي فمرةً تقولين بأنه مثقف وأخرى تقولين بأنه محب للخير ومرةً قال كذا بطريقة جميلة ورد كذا على فلان بطريقة أدبية فكأنك معجبة به . ورغم كل ذلك لم أبدي أي علامة تبين بأنني لا أحب سماع اسمه بل بقيت أبتسم لأخفي بابتسامتي غضباً إن يتفجر ربما سيحرقني قبل يحرق بيتنا فقررت أن أترك عملي و أبحث عن عمل آخر يبقيني بجانبك وبالفعل تركت عملي الذي يدر علي حياة مريحة لأعيش بجانبك وأعمل على أن تحبيني أكثر من صديقي وعندما أخبرتك عن سبب تركي للعمل وقلت بأنني أريد أن أكون بجانبك أجبتني بأن صديقي أيضاً قال بأنه سيترك عمله لأنه قد تعب منه
أنا أتكلم لك عنا و أنت تتكلمين عن صديقي . ورغم كل هذا كنت أصمت ولا أتكلم أية كلمة لكي لا أجرحك .
وحين أصبحت أعمل هنا بدأ يزورنا زيارات عائلية هو وزوجته في حين أنه كان سابقاً يزورني وحدي ولكن أحضر زوجته معه لكي تبقين أنت أيضاً معنا ويراك وبالفعل كانت تحدث الرؤيا بينه وبينك وكنت أشعر بها ولكن أخفي حنقي و أتقنع بابتسامة كانت تقتلني .
فقررت أن أغضبه بزوجته فبدأت أتقرب منها أكثر فأكثر رغم أنني لم أكنّ لها أية مشاعر حب ولكنني رأيت بأنه لا يهمه أمر زوجته فما كان يهمه هو أنت .
فعلمت من زوجته بأنه لا يحبها وبأنه يتكلم عنك طيلة يومه كما تتكلمين عنه أنت أيضاً . ولأنني أحبك لم أفعل أي شيء يغضبك بل على العكس كنت أصر على ذهابك معي عندما كنا نريد الخروج وذلك لكي لا أظلمك بقلبي ولأتأكد أكثر من أنك تحبينه . ففعلت أشياء كثيرة تقتلني ولكن فعلتها لأجلك أنت فتلك الرقصة التي دعوتك لترقصيها معه أذابت قلبي و أوقفته طيلة فترة تلك الرقصة فرؤيتي لك و أنت تتمايلين بين ذراعيه واضعةً رأسك على كتفه تهمسين له بكلمات يبتسم لها كنت سأموت لو كنت قد سمعتها وشعرت بحرارة حبكم تصلني و أنا أنظر إليكم ورغم ذلك لم أفعل أي شيء سوى أن أكتم ما في قلبي من نيران حارقة ورفضت أن أرقص مع زوجته لأرى حبكما أمام عيني و أقتل نفسي بنفسي .
واستمرت نيراني في تلك الليلة حتى صباح اليوم التالي لأنك بعد تلك الرقصة لم تتكلمي شيئاً بل أخذت تشردين كثيراً وتتوهين بأفكار أتمنى لو كنت أعرفها فربما تريحين قلبي إما بالموت أو بالحياة معك .
وفي صباح اليوم التالي طلبت أن تزوري أختك في مدينة أخرى فقبلت طلبك وعرضت عليك أن أوصلك ولكن رفضت ذلك . فتوقعت أنكي وصديقي اتفقتما على شيء ما أثناء الرقصة فقررت أن أراقبك و أراقبه وبالفعل راقبتك فوجدت أنني كنت مخطئ جداً فرأيتك و أنت تركبين قطار تلك المدينة فعدت وأنا أفكر بأنه ربما صديقي أيضاً قد سافر إلى هناك ولكنني تفاجأت بوجوده في منزله وقالت زوجته بأنه ذهب إلى عمله وعاد كعادته فلعنت الشيطان وقتها وعدت إلى غرفة نومنا وبدأت أتصفح رسائلنا التي أرسلناها إلى بعضنا قبل الزواج وبدأت أتصفح الصور التي صورناها معاً وكيف كانت الفرحة تغمر قلبنا ونحن معاً فقررت أن لا أشك فيك بعد الآن أبداً وشعرت بأنك تحبينني . فلعنت الشيطان آلاف المرات ونسيت كل تلك الظنون التي كانت تسيّرني في الشك بك .
فلم أخرج من المنزل لمدة ثلاثة أيام ولم أرد على أي اتصال فقط كنت أفكر بك وأستعرض ذكريات حبنا وألوم نفسي على ظنوني بك وازداد شوقي لك وبدأ يكبر يوماً بعد يوم فقررت أن أذهب إليك و أحضرك من بيت أختك و أبين لك أسفي و أحكي لك عن ظني السيئ بك ولكن عندما وصلت إلى بيت أختك تفاجأت بقولها بأنك لم تزوريها سوى أول يوم فقط وعدت بعد ذلك إليّ . فانتابني شعور بالخوف عليك ولم يخطر ببالي أي شيء آخر سوى الخوف عليك فعدت إلى المنزل لأرى ماذا سأتصرف حيال هذا الموقف فتفاجأت بوجودك في البيت وأتيت بلهفة الطفل الذي ضاعت لعبته ووجدها فجأة وركضت إليك لأقبلك ولكنك قابلتني ببرود وعندها سألتني أين كنت ؟ فقلت لك يا عمري كنت في العمل فاليوم كان عملنا يحتاج أن أبقى إلى هذا الوقت المتأخر . وسألتك كيف أختك وكيف أولادها فأجبت بأنها بخير و أولادها بخير ولم تذكري لي عن اليومين الآخرين الذين لا نعرف أين كنت فيهما ولم أسألك عنـهم ولكن بدأت أسألك عن تلك السفرة وما فعلت بها لأجعلك تتكلمين وربما تخبريني أين كنت ولكن بكل سهولة بدأت تكذبين علي واخترعت قصص لم تحدث ووضعتها في أوقات تبرر اليومين وكأنك كنت بالفعل في بيت أختك .
فلم أخبرك بما أعرفه لأنني كنت أريدك أنت أن تتكلمي لي عنهم كما كنت تخبريني بكل شيء عندما كنا عاشقين قبل الزواج ولكنك لم تتكلمي و أنا قررت أن أنسى و أبدأ حياة جديدة ملؤها الحب و أنسى الماضي كله .
ولكن عند خروجي رأيت صديق يعتب عليّ بأنه رآني في الفندق الذي يعمل فيه وكنت أنا وأنت ولم أذهب لأسلم عليه فقلت له لم أنتبه لوجودك ولكن متى كان هذا الأمر فقال بأنه منذ يومين فقلت له هل أنت متأكد من أنك رأيتني فقال : لم أرى وجهك ولكن رأيت وجه زوجتك و أنا متأكد من ذلك ولكن كنت قد أدرت وجهك للجهة المقابلة وهذا ما أزعجني وجعلني أعتب عليك .
فقلت له ماذا كنت أرتدي وقتها فوصف لي ردائي فقلت له سامحك الله لست أنا ولكن ربما أبن خال زوجتي ولتتأكد أكثر أنظر في الاستعلامات . ولا تلومني دون أن تراني .
فذهبت لأرى زوجة صديقي و أسألها عن زوجها هل غادر في هذه الأيام الثلاثة وبالفعل قالت بأنه غادر لأنهم طلبوا منه في العمل أن يغادر لمدة يومين والآن هو هنا .
ولكنها قالت بأن زوجها قد نبه عليها أن لا ترد على اتصالاتنا ولا حتى تتكلم معنا أنا أو أنت يا زوجتي العزيزة .
و تقطع العلاقة معنا إلى الأبد أتعرفين لماذا ؟ لأنه أخذ منك ما كان يريده والآن قرر الابتعاد وما أكد ذلك هو تلك السمعة السيئة التي بدأت تنتشر له في كافة أرجاء المدينة .
ورغم كل ذلك تمنيت له الموت لأنه غدر بك ولأنه لم يصن حبك ولم يصدق به معك . وعدت إلى البيت بعد معرفتي بكل ذلك ولم أتكلم معك عن أي موضوع ولم أخبرك بشيء وانتظرت أن تخبريني أنت بكل ما جرى لك ولكنك لم تتكلمي ورأيتك تتعذبين لتركه لك ولا تجدين من تشكين له و أنا حاولت أن أكون مخزن أسرارك و أسمعك و بدأت ألمح لك بأمور و أطلب منك أن تخبريني ما بك ولماذا بالك مشغول ولكنك لم تخبريني بشيء.
فأبقيت ما أعرفه سراً لم يعرفه غيري وحاولت أن أنساه لأجلك وبدأت أعطف عليك أكثر و أتمنى لو تتخلصين من حبك له و التفكير به فوجدت أنه من الصعب أن تنسيه فقررت أن أغير أصمت طيلة اليوم و أترك لك حرية الاختيار بيني و بين أفكارك التي تنادي به .
وهكذا عشنا صامتين لمدة ستة أشهر لا نتكلم مع بعضنا ولا نخرج وكأننا غريبين عن بعضنا ما يربطنا هو عقد مكتوب على ورق يقول بأننا زوجين إلى أن تكلمت أخيراً و أخبرتني بأنك رأيت الرسائل و الصور التي كنا قد أرسلناها وصورناها معاً عندما كنا عاشقين قبل الزواج وسألتني وقتها لماذا تغيرت عنك ألم يزل هذا الحب في قلبك حتى الآن ؟ فأجبتك نعم مازال حبك يجري في دمي . فسألتني إذاً لماذا تغيرت عني الآن ؟
فما كان مني إلا أن أصمت و أقول لك ستعرفين قريباً لماذا وعندما انتصف الليل غادرت البيت وتركته لك وكتبت هذه الرسالة لتبين لك كل شيء
ولتبين لك بأنني لا أستطيع أن أعيش بعد الآن معك رغم أنني ما زلت أعشقك ومازال حبي لك كحبي و أنا في أول لقاءٍ لي معك
فمازالت حلاوة ذلك اللقاء تجري في دمي وتجعلني أموت شوقاً على تلك الأيام التي قضيناها معاً
ولن أخبرك بمكاني لأنني سأترك لك خيار البحث عني ورؤيتي فإن رأيتني كما كنت ترينني عندما كنت أضيع منك قبل الزواج دون أن أخبرك بمكاني .
فعندها سأعود لك
إذا أحببت شخصاً بشدة فدعه إذا عاد إليك فهو ملك لك وإذا لم يعد فهو ما كان أبداً لك ولن يكون .