سيدتي الجميلة
سيدتي الجميلة ………………………………………………
لم تزل أسئلتك حيرى تحوم حول أذني تأبى الدخول إليه , وما زلت يا سيدتي مبهوتا أبحث عن أجوبة للرد عليها .
وما زلت أنت في ذاكرتي ألف سؤال وسؤال يبحث ولكن عن جواب واحد … متى ..؟ وأين …؟ وكيف …؟ ولماذا …؟ ولكن …؟ وسفينتي لم تزل تبحر بلا شراع تبحث لها عن ميناء تلقي فيه مرساتها .
وأي أرض تقلني .. وأي سماء تظلني .. وأنا أبحث عنك في زوايا غرفتي , وبين صفحات دفاتري القديمة , أمني النفس تارة بأن ألقاك ربما ذات يوم في مكان ما لم أرسمه بعد في ذاكرتي , وتارة أحمل روحي المتعبة لأنجو بها وقد كفاها ما مسها من قروح ..! .
تساءلت عجبا مرة أخرى لماذا أنت بالذات ولا أدري كيف قرأت في عينيك كل عذاباتي .. وعيناك زورقان أتعبهما الحنين ولفظتهما كل موانئ العالم .
غريبة أنت مثلي تحملين بين ثنايا جسدك المصلوب ألف حكاية وحكاية , ولكنك لا تريدين البوح بها لأحد .
وحيدة أنت تجلسين على كرسيك القابع هناك .. ترى بماذا تحلمين ..؟
قصيدة أنت أعلن كل الشعراء عجزهم عن صياغتها وانطلقت كلماتها زغرودة تحكي عشق السنابل للمناجل .
متعبة أنت .. مذبوحة من الوريد إلى الوريد .. أرادوا أن يجعلو منك قربانا ليكفروا عن خطايا البشرية من حواء إلى آدم إلى قابيل إلى هولاكو .. إلى .. إلى .. ؟؟؟ .
أنت من أنت ..؟ أعرفك مثلما أعرف نفسي , شريكان نحن في آلام المسيح وحزن يعقوب وصبر أيوب وتمرد يونس ..!!! .
أقترب من الشاشة تارة ثم أبتعد عنها تارة أخرى , أتلمسك .. أريد أن أتحسس معالم وجهك علها تبوح لي ببعض تلك الأسرار الدفينة فتتراجع يدي على استحياء مخافة أن تخدش تلك الأستار المخملية ..! وأعيش حالة من الصراع بين ما يدفعني إليه فضولي , وخوفي من أن أتيه في دوامة قد لا أخرج منها أبدا .
ولكنني يا سيدتي فراشة أبت إلا أن تحترق عشقا مثل ضمة من البخور تحترق في موقد مقدس فتملأ المكان بتمتمات ملائكية ليتقدس اسم الرب ..! .
أرجو أن تهدأي وأن لا ترحل بك الظنون بعيدا , فأنا لست شاعرا مهووسا بمدح النساء , ولا أديبا يطلق لخياله العنان كي يرسم صورتك بالكلمات , ولا فيلسوفا يريد أن يبحر في عالمك المجهول ليبدع نظرية جديدة نقرأ من خلالها سيرة امرأة استثنائية ..! وانما فقط أردت أن أبوح لك ببعض خفايا نفسي الملومة ةيقينا أنني لم أجرؤ قط بل لم أفكر يوما في الكتابة إلى امرأة .. وأرجو أن لا تسأليني لماذا ؟ فأنا مثلك أجهل عن نفسي الكثير واعذريني إن كنت قد تجرأت عليك وطرقت بابك .. علها تكون بعض حماقاتي ..؟! .
ولك الحق كل الحق بأن تفتحي الباب أو أن تتركيه موصدا بأغلال من الفل والياسمين فأنا لا أطمع إلى أكثر من أن أسترق خلسة نظرة إليك من فوق الأسوار , أو ألمحك من خلف زجاج متصدع لأعود إلى غرفتي وأرسم ملامح صورتك على دفتر ذكرياتي ثم اتوسدها وأرحل مع أحلامي إلى مجرة أخرى . فأنا مثلك لا أحب أن يرافقني أحد .
ولكنك ابقي مثلما أنت .. لا تغادري المكان ربما أعود ذات يوم وأنا أحمل في حقيبتي الكثير من الحكايات ؛ حكاية انسان كان يوما ما رجلا عندما كان للرجولة معنى .. ! .
هل تكتمين السر ..؟ أرجو أن لا تبوحي لأحد بأنني كتبت لك ذات مرة .. !؟ .
فعذرا إن كنت قد أثقلت عليك .. وعذرا إن كنت قد أعطيت نفسي ما لا حق لي فيه . قولي ولا تترددي إذا كنت تشعرين بالغبن عندما أقحم نفسي في عالمك وسوف أكون مسرورا عندما أستطيع أن أخرس خفقة قلبي , أن أسكت إلى الأبد هذه الثورة المضطرمة في دمي .. فأنا أفي بالعهد كما أفي بالود .
فهاتي يدك وتعالي معي لنقرأ أنا وأنت سوية قول جبران : " إذا حدثك الصديق عما في فكره فلا تخش أن تفصح له عما في فكرك بلا أو بنعم , وإذا ما صمت فليتابع قلبك الإصغاء إلى قلبه , ففي الصداقة يتعطل الكلام ويشترك الصديقان بفرح مكتوم في كل ما يولد من فكر أو رغبة أو أمل " .