عندما يتناول الطفل قلما و ورقة،
يرسم خطوطا وأشكالا مختلفة،
ويمضي الوقت وهو غارق في عالم آخر،
يلوّن شخوصه وأحداثه بظلال حياته اليومية،
بذلك يريد إيصال رسالة للكبار لعلهم يفهمونها ,
إن فن الرسم عند الطفل فن قائم بذاته يستمد تعبيراته وألوانه من عالم الطفل نفسه ،
وهو ما دعا علماء النفس إلى الانتباه بأن رسوم الأطفال الحرة
يمكن أن تكشف عن جوانب متعددة في نمو الأطفال ،
وتعتمد هذه الفكرة باختصار على إن الخبرة الجمالية كما تبدو في رسوم الأطفال
يمكن أن تعكس في خلفيتها الخبرة العقلية والنفسية للطفل جنبا مع جنب ،
فالأفكار والتعبيرات التي يتناولها الطفل في رسوماته
يمكن أن تستخدم في قياس مستوى النضج العقلي له ،
وقد أستخدم أسلوب الرسم في تحليل شخصية الطفل
والكشف عن اضطرابات نفسية معينة تدل عليها تلك الرسومات.
ويبدأ الطفل الرسم خلال سنته الأولى معبرا عنه بخطوط عشوائية غير واضحة إلا في نفسه ،
ثم بعد تجاوزه سن الثالثة ،
تبدأ أشكاله بالتميز ،
إذ أنه يصل إلى مستوى من النضج العقلي يؤهله لخزن بعض الصور الذهنية والحسية في دماغه ،
إلا أن هذه الصور لا تبقى طويلا ،
إذ لا نجده يرسم الشكل نفسه مرتين بنفس الدقة في التفاصيل ،
كما أن رسوم الأطفال في هذه السن المبكرة تمتاز بسرعة التغير وعدم الثبات.
ولقد إستخدم علماء النفس الرسم كوسيلة للتعرف على ما يدور في أذهان الأطفال ونفسيتهم
تجاه ما حولهم من أشياء وأشخاص ،
فمن خلال الرسم يتمكن الطفل من رسم حالة قد حصلت له ،
لم توفر له المتعة وشعر بحالة من عدم الرضا ،
ولم يستطع أن يعبر عن مشاعره بحكم السلطة القائمة عليه من قبل الكبار ،
فالطفل في هذا العمر ينظر إلى الصورة على أنه شخص أخر غيره ،
وهذا يعود إلى تمركز الطفل حول ذاته في السنوات الخمس الأولى ,
وبذلك يمكننا أن نتعرف على نوع الأذى النفسي الذي قد يعاني منه الطفل من خلال رسوماته.
وقد نجد أطفالا لا يستطيعون الكلام أمام الأخرين للتعبير عن عدم رضاهم ،
خوفا من العقاب ،
لذلك يلجأ العلماء والنفسيّون ،
إلى وضع الأطفال في مرسم صغير وإعطائهم ما يلزمهم من الألوان والأوراق
وفسح المجال أمامهم لرسم ما يرغبونه ،
ومن ثم الإستفسار عن كل ما يرسمونه من خطوط وأشكال مختلفة ,
إضافة إلى أن الألوان تعبر عن حالة الطفل النفسية ،
في التعبير عن قلقه أو فرحه ،
فمثلا حين يختار الطفل اللون الأسود أو الرمادي للرسم ،
فهو تعبير عن الحزن والغضب الذي قد يشعر به تجاه الكبار الذين عاملوه بقسوة في فترة سابقة ،
أما إذا كان مرتاحا وقد شعر بالراحة من جراء متعة نالها في خروجه ،
فأنه يميل إلى إستخدام الألوان الهادئة الفاتحة والبراقة كالأحمر والأصفر