--------------------------------------------------------------------------------
كانت ليلة صاخبة خارج المقهى الجديد ,وبجنبها
سوق جلست عند أقرب الطاولات للزجاج المطلة للشارع
وماأن جلست حتى جاء النادل يقول بلهجة عربية مكسرة : أيدك سكييد
ويقصد بها عيدك سعيد فأخرجت مبلغ متواضع ورفعت يدي له فقال : سوكرن
وقلت بهدوء : قهوة تركي مزبوطة وكوب ماء…. وأيدك سكييد
وجلست أمام النافذة أتأمل طفلة يمسكها أب وأم من يديها كي تعبر الشار ع
أبتسمت لها وأبتسمت لي ثم سحبت يدها من والدها ووضعتها بفمها خجلاً
وماهي ثواني حتى عادت حبيبتي القهوة السوداء بعطور بنها الذي عطر القهوة
وفجأة ظهر رجل عجوز ستيني ومعه سائق حتى أقعده بجانب طاولتي وطلب
له أيضاً قهوة ما أن جلس العجوز حتى أعطيته أبتسامة واؤمأت برأسي تقديراً
نظرت لقهوتي وتذكرت أن اتصل بعائلتي فهي خارج المدينة كي أسمع منهم كل
كل عام وأنت بخير ولكن كلعادة مشغولين بأفراحهم ولا أحد يرد
فتحت جوالي وعرضت صورة حبيبتي البعيدة وأنا أتامل صورتها جائت في بالي صورة الطفلة الجميلة
وعائلتها ثم لمحت
صورة العجوز الوحيد , نظرت بدهشة إلى العجوز لأجده
حزين وكم يشبهني فهو بقمة الأناقة رغم سنه .
أحسست أن الحزن يحاول أفتراسي
كيف ذلك أنا محصن بقوة الله ثم قوتي ثم دعوات أمي 31 سنة
وتجلب لي صورة العجوز الجالس أمامي
رفعت حاجب بقسوة وقربت قهوتي أرتشف عطرها علي أنسى همي
ومانا أنتهيت من الرشفة الأولى وذاب طعم البن والسكر
حتى جائت نفسي تذكرني بوحدتي بكل مساء وصباح
وذكرتني في صباح هاديء قمت فيه مريض لوحدي
وذكرتني بدلال والدي بكل عيد وهديته لي بعد كل صلاة عيد
نظرت حولي وبالمقهى أرسل نظرات تهديد للحزن الذي لا اراه
وأقبلت أرتشف الرشفة الثانية من قهوتي بعمق لدرجة أنها لسعتني بحرارتها
وأحست بالدفء وأخذت أقول بنفسي يوماً سأجد قلب يحبني
وأحبه لن أظل وحيداً أيها الحزن
وأبتسمت حينما تذكرت أغنية فيروز بكتب أسمك ياحبيبي فأخذت
منديل المقهى وكتبت بداية خاطرة
((أحتاج إلى دفء قلب…
يسامرني كل ليلة بطيفكِ حبيبتي ..
يشعرني أنه الوحيد ….بالقرب ..
يأخذني من كل غضبي وأحزاني ..
يشاركني ويجد في رفقتي طعم الحب ..))
ولكن وأنا أكتب الخاطرة رفع صاحب المقهى صوت التلفاز لأغنية
كاظم الليلة أحساسي غريب عاشق وأنا مالي حبيب ..
تذكرت أني أكتب لحلم وسراب وعدت أتأمل منظر العجوز
أقول في نفسي هل سأصبح مثله وحيدأ في المقاهي ولأحد يهتم بي
هل سوف تصبح كل سفراتي لوحدي !!
هل سيعيش قلبي مع هذه العزلة بقية سنواتي !!
هل هي تتذكرني الان
أسئلة كانت غريبة لشخص مثل شخصي يعاند الحزن
وعلى المنديل الذي كتبت عليه بدايات الخاطرة سقطت قطرة ماء
تحسست خدي لأجدها دمعة من عيني اليمين تشفق على حياتي وخانتني
غريبة تلك الدمعة الخائنة ..مثلي لا يبكي ابدا..لابد أن هنالك خطأما
ونظرت على صحن القهوة لأجد شعرة بيضاء تتوسط شعري
أبتسمت وقلت ربح الحزن دمعة وأنا سوف أربح حياة
وقمت أتذكر كل إنجازتي في حياتي حتى لو عشت عجوز ووحيداً
وبدأت أسمع بداخلي صوت والدي وهو يقول أن يفخر بي
وماأن عادت أحوال مزاجيتي حتى سقطت الأمطار خارج المقهى
أبتسمت كانت أحدى دعواتي أن تمطر قريباً
الغريبة أن المطر كان مثل يد حنونة تلمس كتفي وتقول أن الأمل موجود
برغم أن الهم كبرني وجعلني عجوزاً من الداخل بجسد شباب من الخارج
لكني مازال لدي الأمل بلحياة أنه برغم البعد الحقيقي , فلازال قلبي يحتاج قلب صادق
ويكفي أني حاولت أن أحظى بحياة تستحق
ثم عاد طعم قهوتي أجمل وبت أبتسم لذلك العجوز حتى جعلته يبتسم
أصعب مافي الحياة حينما تتكلم بلغة الناس ..ولايفهمك أحد