كنت أظن إن الزوايا التي ألجأ إليها والإبتسامة التي أرسمها على شفتي ومحاولات الإصغاء التي أخفي بها مللي من أحاديث الآخرين ..كنت أظن كل ذلك كافياً لإرضاء الموجودين والخروج بسلام من لقاءات لا تغنيني لكنك أطللت فجأة وجلست أمامك أمثل الدور نفسه الذي أرضيت به الجميع لسنوات كلمات بدأتها وجعلتني أشعر ب أنني أجلس أمامك مثل كتاب مفتوح ..أراك لأول مرة ..لكنك تعرفني ..نظراتك تخترقني وتمزق كل أقنعتي . .تتحدث بلسان عواطفي كأنك قرأت كل رسائل حبي أرتبك ..أخاف ..فكم من السنوات مضت وأنا أختبئ داخل غلاف بلا عنوان لرسالة لا معنى لها لكنها ترضي الجميع ..كم من السنوات مضت وأنا أخفي عواطفي ومشاعري داخل سجن اللامبالاة واللارؤيا كأنك تحفظ كتاب حياتي بحرفيته ..تعرف الماضي والمستقبل ..تناقشني بآرائي التي لم أبدها أبداً لك ..وتعرف مسبقاًما أريد أن أقول وما أتمنى أن أفعل كنت أمامك تلميذة مجتهدة سقطت لأو ل مرة في الإمتحان ..وشعرت بأني أريد البكاء ..أريد الهرب ..أريد أن أنسى وجهك وأنسى إني إلتقيتك من أين أتيت إلى عالمي ؟ أي ريح أرسلتك إلي لتقضي على الثقة التي بنيتها في نفسي ..والإكتفاء الذي تعلمته من وحدتي والقناع الذي تعودت إرتداءه وأقنعت الناس بأن ه وجهي الحقيقي ؟من أنت ؟ من أين أتيت لتغتال كلالقناعة التي تعلمتها ورضيت بها ..وتوقظ المتوحشة التي تعيش في أعماقي من هدأتها ..وتقضي على أحلام عشتها وتعودتها وأكتفيت بها ؟بأي حق تعيدني إلى الأرض إلى وعيي وتتحدث بكل ثقة وتنظر إلي بلا تردد وأنا أهرب من عينيك وكلماتك وأخاف أن يسمعك الآخرون فيكتشفون حقيقة قناعي ويعرفون إنني ما كنت إلا واجهة صيف لشتاء عاصف أخفي ه في أعماقي لكنك لم تتوقف وإستمريت في تهديمك لكل حواجزي لم تفهم إني أخاف معرفتك وأخاف ذكاءك وأكره أن يكتشفني أحد ويعرف حقيقة عواطفي وأحلامي من أين أتيت لتهدم كل ما بنيته ..وأي قدرة تملكها تمنعني من الهرب وتجعلني أواجهك وأواجه الحقائق ..لكنك ما زلت هنا .. وأنا أخاف نظراتك ولا أستطيع الرحيل وأعود إلى واقعي ..أودع أحلامي وأستمع إليك ..سأبقى هنا ..فهل تبقى أنت ..أم إنك مجرد وهم سيرحل ؟