المرأة .....................

المرأة
الأزهار : مخلوقات عجيبة لا تراها نفس حساسة إلا و تشعر بأنها إزاء سر غامض قد التف بألوان الحدائق و الرياض , وستر معانيه بعطورها . هذه الزهرة الطبيعية .
لكن هناك زهرة أوفر منها جمالاً , و أتم شكلاً , و أدعى إلى التفكير و أحرى باهتمام ذوي القلوب الغيورة الرحيمة , تلك الزهرة التي تضم بكيانها آيات الحسن الكبرى , و أسرار الحنان الذي لا يُدرك و لا ينقضي . تلك الزهرة التي يعذبها ظمأ الحرية , وتتجاذبها العواصف و تتقاذفها صريعات الزمان منذ أجيال طوال , فلا ينقصف غصنها ولا يلتوي , تلك الزهرة النارية التي تتناول الدهور آمال المستقبل وتنقل من ذرية إلى ذرية قبس الحياة العظيم لقد عرفتم تلك الزهرة العجيبة , هي المرأة .
يا أيها الرجال لننظر نظرة صادقة فلقد ظلمنا المرأة فلو سألنا الدهور عنها , ولو كان للدهور لسان لأنبأتكم بما يدمي الفؤاد , المرأة : لقد جعلتها الهمجية حيواناً بيتياً , وحسبها الجهل متاعاً ممتلكاً للرجل يستعمله كيفما يشاء ويهجره إذا أراد , ويحطمه إذا خطر له في تحطيمه خاطر , وكانت بعد ذلك عبده شقية و أسيرة ذليلة , ثم ارتفعت مع مرور الأجيال إلى درجة طفلة قاصرة إلى لعبة يلهو بها السيد في ساعات الفراغ إلى تمثال بهرجة تتراكم عليه الأثواب الحريرية و الجواهر الثمينة ومن منا يدري ما كانت تستره الأثواب الحريرية و الجواهر الثمينة من قروح القلب الدامية التي لم يضمدها الدهر ؟
ورغم كل ذلك , ظلت المرأة مسلحة بسلاح لا يفل , ظلت مسلحة بالحب , الذي هو حياة الأجيال ومغزى الحياة , بالحب أخرجت النوع البشري كله , بالحب أنجبت أشبال الوطنية و العمران , بالحب غذت الرجل و عطفت عليه , بالحب عالجته و أوحت إليه , بالحب صانته من غوائل الأيام , سواءً أكانت المرأة سعيدة في حبها أم شقية , سواءً أ نصرها الحب أم خذلها , هي دائماً مستودع الحب .
و أنت أيها الرجل لي سؤال أريد أن ألقيه عليك وحدك , أريد أن ألقي بسؤالي في أعماق نفسك , مسباراً أسبر به غور روحك .
أنت اليوم في ميعة الشباب , و عفرة الصبا , تريد طفلاً وتروم زوجاً و أسألك هل أنت بالرجل الحري بالزواج الخليق بالذراري و الأطفال ؟ أ أنت القوي المنتصر الهازم نفسه , القاهر شهواته , المهيمن على عواطفه , المتغلب على فضائله , ذلك سؤالي إليك ومستقري , أم هو الحيوان ينفث في رغبتك , أم هي الضرورة , أم هي العزلة , أم النزاع .
أنت ستبني فوقك بيتاً و تشيد , فعليك قبل أن تبني ذلك البيت أن تزيد جسداً وروحاً من نفسك و تنميها و تكبرها لا إلى الأمام فقط بل إلى فوق .
وما الزواج عندي إلا رغبة الزوجين في خلق وليد هو أكبر و أسمى من خلقهما , فالزواج احترام متبادل بين الزوجين لتحقيق هذه الرغبة , فكيف سنبني هذا الزواج وهذا البيت دون أن نحترم المرأة فعلينا نحن الرجال و أبدأ بنفسي أن نعتذر من المرأة لظنوننا السيئة ومعاملتنا القاسية الظالمة لها , ونعتذر لهم عن أخطاء أسلافنا معها , فجميع عناصر الحياة تصرخ بنا : أيها الرجل لقد ذللت المرأة فكنت ذليلاً , حررها لتصبح حراً , حررها لتحرر الإنسانية .
ملاحظة لم أتطرق إلى دور المرأة كأم و أخت , ولم أذكر مريم عليها السلام ودورها في كونها أم المسيح عليه الصلاة و السلام ولم أذكر أمهات المؤمنين زوجات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم أذكر المربيات و العالمات و الأديبات و المقاتلات وو...غيرهم وكل ذلك يدل على قوة المرأة من جهة وصدقها وحبها من جهة أخرى .